الثالوث

تعريف

Rebecca Denova
بواسطة ، تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael
نُشر في 03 May 2021
X
translations icon
متوفر بلغات أخرى: الإنجليزية, أسباني
Trinity (by Lawrence OP, CC BY-NC-ND)
الثالوث
Lawrence OP (CC BY-NC-ND)

يعترف مفهوم الثالوث المسيحي (من الكلمة اللاتينية "trinus"، التي تعني "ثلاثي") بوجود إله واحد، ولكن له ثلاث أقانيم (جوانب) أزلية ومتساوية في الجوهر وهم: (الآب، الابن، والروح القدس). الآب هو إله إسرائيل (الله الخالق المذكور في سفر التكوين)، والابن هو "يسوع الناصري التاريخي"، و"الروح القدس" هو حضور الله أو روحه الذي يربط الأقنومين الأولين معًا. كلمة "الثالوث" لا تظهر في أي مكان في الكتاب المقدس؛ اِكتمل هذا المفهوم في مجمع "نيقية الأول" عام 325م، بعد سنوات من التَحاجَج. كان هذا المجمع محاولة لتوضيح إيمان المسيحية بوحدانية الله عن طريق ادعاءاتهم حول "يسوع" وتجاربهم مع "الروح القدس".

التوحيد اليهودي ويسوع الإلهي

يُعرف المفهوم الحديث التوحيد على أنه "الإيمان بإله واحد"، لكن القدماء لم يفصحوا عن آرائهم باعتباره "إيمان"، فشعائرهم الدينية، وما فعلوه، كان أكثر أهمية. اعترف اليهود بوجود قِوَى أخرى، فكانت -"الجنة" اليهودية مأهولة بتدرجات من الألوهية؛ (رؤساء الملائكة، الملائكة، شيروبيم، والسارافيم) - لكنهم أُمروا أن يعبدوا واحدًا فقط، وكانت العبادة في العالم القديم قائمة على "القرابين".

فكان الابتكار المسيحي هنا هو الادعاء بأن "العبد المعاني" هو الله نفسه، الذي وضع نفسه في ظهور "يسوع الناصري" الجسدي الأرضي.

لا نعرف بالضبط ما حدث عندما اختبر التلاميذ قيامة "يسوع"؛ لم يكتب أحد أي شيء، ومع ذلك، يتفق معظم العلماء على أنهم اختبروا شيئًا ما، سواء كان جسديًا أو روحيًا، أو ربما رؤية. زعمت الأناجيل أن يسوع "شَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ" ورأى "القديس إسطفانوس" "يسوع" " قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ" في رؤياه قبل وفاته (أعمال الرسل 7:55). انتشرت قصص كثيرة، خلال القرن الأول الميلادي عن أن آباء إسرائيل وشهداء المكابيين كانوا في السماء، في مفهوم يُعرف باسم "تبرئة الأبرار"، وربما كان هذا هو الفهم الأولي لــ"يسوع" باعتباره (الآن) بين الذين في السماء.

رسائل بولس

كان لدي "بولس"، الفريسي اليهودي الذي كتب في خمسينيات والستينيات القرن الأول الميلادي أيضًا رؤية لــ"يسوع" في السماء، حيث أخبره صوت بأن يكون رسول الأمم (غير اليهود)، وأن ينشأ مجتمعات من المؤمنين في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية الشرقية، ولكن كما قال "بولس"، فإن المعاناة والموت على صليب "مسيح الله" كان "لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً!" (كورنثوس الأولي 1: 23). لجأ أحد المسيحيين الأوائل غير المعروفين إلى مقاطع "العبد المعاني" في إشعياء (53-54) لتبرير ما حدث. لقد تصور إشعياء خادمًا متألمًا كان أمينًا لله ولكنه تألم وعُذب وقُتل، فأقامه الله من بين الأموات وأجلسه بجانبه على كرسيه، وفي سياق سفر إشعياء، كان العبد المتألم هو أمة إسرائيل. ادعى المسيحيون الأوائل أن هذه كانت نبوءة عن "يسوع الناصري"، الذي يشار إليه الآن باسم المسيح ("Christos" اليوناني للمصطلح العبري "المسيح"). توجد ترنيمة مبكرة في رسالة بولس الثانية إلى أهل فيلبي (11-2:6)، مستخدمة العديد من العبارات من إشعياء:

"الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا للهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ".

كون المسيح، "من طبيعة الله" أنتج مفهوم أن المسيح كان موجودًا مسبقًا وكان حاضرًا عند الخلق، ولكن في الوقت ذاته، قال بولس أيضًا: "وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ" غلاطية (4:4). كان اليهود ينظرون إلى الله على أنه غير أناني، ويظهر نفسه في التاريخ من أجل خلاص إسرائيل، في الأيام الأخيرة، سيعلن الله عن نفسه للأمم جميعها، وفقًا لأسفار الأنبياء الصغار، فكان الابتكار المسيحي هنا هو الادعاء بأن "العبد المعاني" هو الله نفسه، الذي وضع نفسه في ظهور "يسوع الناصري" الجسدي الأرضي.

Resurrection of Christ by Piero della Francesca
قيامة المسيح - بييرو ديلا فرانشيسكا
Piero della Francesca (CC BY-NC-SA)

تظهر عبارة "تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ" الانحناء القديم أمام صور الآلهة. قال بولس أنه يجب على الجميع أن يعبدوا "يسوع"، وعلى حد علمنا، كان هذا يعني أداء (الترانيم، الصلوات، والتضرع ليسوع، التعميد، الشفاء، وطرد الأرواح الشريرة باسمه، واستدعاء حضوره في الوجبات الإفخارستية)، في كل من كورنثوس الأولى (1:2)، كورنثوس الثانية (12- 8:9)، كورنثوس الأولى (16:22)، رومية (10-9:13)، كورنثوس الأولى (6:11)، رومية (3:6)، كورنثوس الأولى (11- 17:34).

يسوع الإلهي ودور الروح القدس

انعكست عبادة يسوع في ألقاب وأفعال أتباعه، بحلول الوقت الذي تمت فيه كتابة الأناجيل (بدءًا من مرقس حوالي 70 م). كان مصطلح "ابن الله"، الذي أطلق على الأنبياء، يفهم بشكل حرفي، ففي قصة الميلاد وَفْقاً لـِمتى، تعكس الإشارة إلى عمانوئيل ("الله معنا") الألوهية في طفل مريم، فجاء في إعلان الملاك لمريم: "اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ." (لوقا 1: 35). هناك أيضًا إشارات إلى علاقة الله بالملك داود: "أَنْتَ ابْنِي، أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ". (مزمور 2: 7، أعمال 13: 33).

وبمرور الوقت، زُعم حرفيًا أن الروح موجودة في ما أصبح بالأسرار المقدسة المسيحية.

بعد أن مشى يسوع على الماء، "الَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ: بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!" (متى 14: 33). والذين التقوا بيسوع المقام مِنَ المَوْت "سَجَدُوا لَهُ" (متى 28: 17؛ لوقا 24: 52)، وعندما ظهر يسوع لتلاميذه في الجليل، قال يسوع: "فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ." (متى 28: 19). هذا ليس مفهوم الثالوث بعد، لكنه يعكس طقوس المعمودية المبكرة والرسمية.

تظهر "الروح" و"الروح القدس" و"روح الله" 275 مرة في العهد الجديد، ولكن هذا ليس كيانًا منفصلًا عن الله بعد، في اليهودية، "روح الله" يعادل "نسمة الله" التي أحيت آدم، التي استحوذت على الأنبياء، وحضور الله في الهيكل، ومن هذا المنطلق، عندما نزلت الحمامة على "يسوع" عند معموديته، كانت ترمز إلى حضور الله، المعترف بــ"يسوع" كابن له، يستقبل التلاميذ في سفر أعمال الرسل الإصحاح الثاني، "الروح القدس" خلال عيد العنصرة، فقال بطرس "تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا، فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (38)، مكّن "الروح القدس" في رسائل بولس، المؤمنين من ("التكلم بألسنة"، التنبؤ، التعليم، والشفاء)، وبمرور الوقت، زُعم حرفيًا أن الروح موجودة في ما أصبح بالأسرار المقدسة المسيحية.

المسيحية في القرن الثاني الميلادي

تغيرت التركيبة السكانية للمجتمعات المسيحية، بحلول القرن الثاني الميلادي؛ فكانت الأغلبية من المتحولين من الأمم. تألفت القيادة المسيحية (المعروفة بأثر رجعي باسم آباء الكنيسة) من رجال تلقوا تعليمهم في مدارس فلسفية مختلفة. انتقد العديد من الفلاسفة مثل (سيلسوس وجالينوس) المعتقدات المسيحية، ورد آباء الكنيسة عن طريق مواءمة المسيحية مع وجهات النظر الفلسفية المشتركة حول الكون. أطلق إنجيل يوحنا على المسيح اسم اللوغوس ("الكلمة")، وهو مفهوم لمبدأ العقلانية عند أفلاطون، ومن خلال التوفيق بين هذين لمفهومين، ادعى آباء الكنيسة أن هذا دليل على أن المسيح كان أزلي الموجود.

بدأت الإمبراطورية الرومانية في اضطهاد المسيحيين لرفضهم المشاركة في الدولة والعبادات الإمبراطورية في عهد الإمبراطور دوميتيان (حكم 83م-94م)، فلم يكن المسيحيون متهمين بالإلحاد فحسب (الكفر بالآلهة)، بل كان لدى روما المحافظة أيضًا تحيز طويل الأمد ضد الأديان الجديدة. أُعْفِي اليهود من العبادات الإمبراطورية منذ زمن يوليوس قيصر (100-44 ق.م)، لكن المسيحيين لم يكونوا يهودًا، ولم يكونوا أعضاء في الطوائف المحلية التقليدية، فالتمس آباء الكنيسة من الأباطرة الرومان إعفاء المسيحيين من العبادات الإمبراطورية، لكن بالنسبة لغير المسيحيين، لم تكن المسيحية عقيدة توحيدية، بل كان المسيحيون يعبدون إلهين.

Holy Trinity
الثالوث المقدس
Fr Lawrence Lew, O.P. (CC BY-NC-ND)

ادعى "يوستينوس الشهيد" (100م -160م) عن طريق المجاز الأدبي، أنه في كل مرة يظهر فيها الله في القصص، كان هذا في الواقع شكلَا من أشكال المسيح أزلي الوجود، ولذلك احتفظ المسيحيون بوحدانية الله التي انبثقت بواسطة (الكلمة) في المسيح، وبذلك لم تكن المسيحية جديدة؛ كانت معتقداتهم مبنية على التقاليد القديمة لليهود.

كان العلامة ترتليان (155م-200م) أول من استخدم المصطلح اللاتيني "الثالوث". ووصفه بأنه "التدبير الإلهي" كما هو الحال في أُسرَة أو مَلَكِيَّة الله. لقد وضع الله الآب الخُطَّة الإلهية، ونفذ الله الابن إرادة الآب، والله الروح القدس حفز إرادة الله في المؤمنين (ضد براكسيس، 27). كانت الكنائس في الإمبراطورية الرومانية الغربية، تستخدم ما يسمى بالعقيدة الرومانية القديمة، أو عقيدة الرسل، بحلول القرن الرابع الميلادي، حيث تضمنت معتقدات ثالوثية، ولكن دون المفاهيم الفلسفية التي أصبحت جزءًا من مجمع نيقية.

الجدل الآريوسي ومجمع نيقية الأول

تحول الإمبراطور الروماني قسطنطين الكبير (حكم من 306م إلى 337م) في عام 312م، إلى المسيحية وأصبح في الوقت ذاته رئيسًا للكنيسة، حيث عزز وحدة الإيمان في جميع أرجاء الإمبراطورية، وكان من الممكن أن يظل مفهوم الثالوث مجرد مسعى فكري فقط، ولكن نشأ جدل لاهوتي في مدينة الإسكندرية وامتد إلى مدن أخرى (318م-321م). علَّم آريوس، وهو كاهن في الإسكندرية، أنه إذا كان الإنسان يعتقد أن الله خلق كل شيء، فلا بد أنه خلق المسيح في وقت ما، وفي الواقع، فإن مصطلحي الآب والابن يشيران إلى أن المسيح كان تابعًا لله. حَرَمَ أسقف الإسكندرية آريوس كنسيًا، لكن زعماء الكنيسة الآخرين وقفوا إلى جانبه، واندلعت أعمال شغب بين الطوائف المختلفة في مدن مختلفة.

دعا قسطنطين في عام 325م، إلى تشكيل مجمع على مستوى الإمبراطورية (مسكوني) لحل هذه المسألة. كان التحدي يتمثل في توضيح الطريقة التي تم بها أيضًا إثبات وحدانية الله في (سموه) (بقوة الروح) وطبيعته المتجسدة (اتخاذ جسد في الابن). انعقد الاجتماع في نيقية، بالقرب من العاصمة الجديدة القسطنطينية، وكان لا يزال مستمرًا، وحضر ما يقرب من 217 أسقفًا مع أعوانهم. دفع قسطنطين نفقات سفر، إقامة، وطعام الجميع، وفي المناقشات التي جرت في مجمع نيقية، نُوقِشَت وجهات نظر مختلفة:

  • الموناركية - الله كملك، الذي فوض صلاحياته للابن والروح القدس.
  • التبعية أو الأريوسية – كان الابن مخلوقًا، وخاضعًا للآب.
  • السابالية – اتحاد كامل بين الآب والابن، وهكذا صلب الآب في الابن. تم إعلان هذا المفهوم في نهاية الأمر هرطقة.

First Council of Nicaea
مجمع نيقية الأول
Jjensen (Public Domain)

كانت المناقشات حول الثالوث مقصورة على موضوع باطني معين وتضمنت أفكارًا فلسفية عن الكون. هل كان المسيح مثلي الجوهر (homo-ousios)، أم كان مثلي الوجود(homoi-ousios)، مع الآب؟ ونلاحظ أن الفرق هو في حرف واحد، وهو فرق دقيق في اليونانية. اختار المجمع خِيار (مثلية الجوهر) وأن الله والمسيح متطابقان في الجوهر وأن المسيح كان ظهور الله نفسه على الأرض، ومع ذلك، وبعيدًا عن اللاهوت الباطني، فإن المغزى العملي لكون اختيار المسيح مطابقًا لجوهر الله هو أنه حافظ نظريًا على توحيدية اليهودية التقليدية سليمة كما هي. إن وجود المسيح مطابق لله، يؤكد الرأي القائل بأن المسيح كان موجودًا مسبقًا وساعد في خلق الكون.

عزز هذا الاختيار مكانة الإمبراطور المسيحي، وبمرور الوقت، تلاشت مملكة الله الوشيكة، ولم يأت الملكوت بعد، لكن في هذه الأثناء، كان على الإمبراطور المسيحي أن ينوب عن المسيح على الأرض، ولذلك يجب أن يتمتع الإمبراطور بنفس قوة الله على الأرض عندما يحكم، وبدأ بعد مجمع نيقية تصوير الأباطرة المسيحيين وحول رؤوسهم هالات القديسين ومظاهر العبادة الإلهية.

الإيمان النيقاوي

كان مفهوم الإيمان (من الكلمة اللاتينية "Credo"، "أؤمن") ابتكارًا مسيحيًا. ومع تعدد العبادات الإمبراطورية المحلية، لم تكن هناك سلطة مركزية تملي ما يجب على الجميع الإيمان به. أضفى قانون الإيمان النيقاوي طابعًا رسميًا على نظام إيمان واحد رُوِّج له بواسطة قوة الإمبراطور (وجيوشه)، وعلى هذا النحو، فإن أي معارضة لهذا الإيمان أصبحت الآن خيانة، فيمَا يلي التَّرْجَمَةً الإنجليزية لقانون الإيمان النيقاوي:

"نُؤمِنُ بإلهٍ واحدٍ، الآبِ ضابِطِ الكُلِّ وخالِق السماءَ والأرضَ وكلَّ ما يُرَى وما لا يُرَى، وبربٍّ واحدٍ يسوعَ المسيحِ، ابنِ الله الوحيدِ، المولودِ من الآبِ قبل كلِّ الدهور، إلهٍ من إلهٍ، نورٍ من نورٍ، إلهٍ حقٍّ من إلهٍ حقٍّ، مولودٍ غيرِ مخلوقٍ، مساوٍ للآبِ في الجوهَرِ، الذي بِهِ كانَ كلُّ شيءٍ، الذي من أجلِنا نحن البَشَرَ، ومن أجلِ خلاصِنا، نَزَلَ من السماءِ وتجسَّدَ من الروحِ القدسِ، وَوُلِدَ من مريمَ العذراء، وصار إنسانًا، وصُلِبَ عنَّا في عهدِ بيلاطُسَ الْبُنْطِيِّ، تألَّمَ وماتَ ودُفِنَ، وقامَ في اليوم الثالثِ كما في الكتب، وصَعِدَ إلى السماوات وجَلَسَ على يمينِ اللهِ الآبِ، وأيضًا سيأتي بمجدِهِ العظيمِ، ليَدِينَ الأحياءَ والأمواتَ، الذي ليس لمُلْكِهِ انْقضَاء، ونُؤْمِنُ بالروحِ القدُسِ، الربِّ المُحيِي، المنبثِقِ من الآبِ والابْنِ، نسجُدُ لَهُ ونمجِّدُهُ معَ الآبِ والابْنِ، الناطِقِ بالأنبياءِ، ونؤمِنُ بكنيسَةٍ واحِدَةٍ مُقدَّسَةٍ جامعةٍ رَسوليَّةٍ، ونعترفُ بمعموديَّةٍ واحدةٍ لمَغْفِرَةِ الخطايا، وننتظرُ قيامَةَ الأمواتِ وحياةَ الدَهْرِ الآتِي. آمين". (يوسابيوس، تاريخ الكنيسة، الكتاب الثامن، مقتبس من فيليب شاف، المجلد الأول)

وافق معظم الأساقفة على قانون الإيمان، مع رئاسة الإمبراطور للمجمع، لكن اثنين رفضا: يوسابيوس، أسقف بلاط قسطنطين، وبالطبع آريوس الذي أحضروه مقيدًا بالسلاسل من الإسكندرية. فأرسل كلاهما إلى المنفى، ومع ذلك، بعد عودة بعض الأساقفة إلى ديارهم، اعترضوا على قانون الإيمان، ولهذا السبب كان لا بد من عقد مجامع أخرى لتحقيق التوافق. أولئك الذين وقفوا إلى جانب آريوس، شقوا طريقهم شرق وشمال منطقة البحر الأسود (البلقان وروسيا)، وحولوا الناس للمسيحية. كان هؤلاء الأريوسيون ناجحين للغاية، حيث قام أخان كاهنان، (كيرلس وميثوديوس)، بعمل الكتابة الكِريلية، التي لا تزل تستخدم في الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والروسية. كان العديد من الغزاة اللاحقين للإمبراطورية الرومانية (القوط، القوط الغربيين، الوندال، الهون) مسيحيين أريوسيين.

Saint Cyril & Saint Methodius
القديسان كيرلس وميثوديوس
Милютин Станислав Викторович (Public Domain)

يبدو أن قسطنطين في وقت لاحق من حياته، قد غير رأيه؛ واستدعى كلاً من الأسقف يوسابيوس وأريوس من المنفى وأتى بهما إلى القسطنطينية، واختار الأسقف يوسابيوس ليعمده وهو على فراش الموت. مات آريوس بعد وقت قصير من عودته في ظروف غامضة، وزعم أتباعه أنه مات مسمومًا، لكن أعداءه اعتبروا هذا تدخلا إلهيًا. قُسِّمَت الإمبراطورية بعد وفاة قسطنطين إلى ثلاثة أجزاء بين أبنائه مما أدى في كثير من الأحيان إلى مؤامرات، وحروب أهلية، وبصعود الإمبراطور قسطنطيوس الثاني (حكم 337م-361م)، حكم الإمبراطورية مسيحي أريوسي لفترة.

مجمع القسطنطينية الأول

دعي الإمبراطور ثيودوسيوس الكبير (حكم 379م-395م) إلى عقد مجمع القسطنطينية الأول عام 381م لتوحيد الكنائس الشرقية والغربية بعد أن انتخبت القسطنطينية أسقفًا أريوسيًا، وفي الوقت نفسه، اُعْتُرِف بأن مجمع نيقية لم يوضح دور "الروح القدس". أدان مجمع القسطنطينية جميع أشكال الآريوسية وأضاف المزيد من التفاصيل إلى قانون الإيمان النيقاوي:

"[الحديث عن يسوع] . . . وتجسَّدَ من الروحِ القدسِ، وَوُلِدَ من مريمَ العذراء، وصار إنسانًا، وصُلِبَ عنَّا في عهدِ بيلاطُسَ الْبُنْطِيِّ، تألَّمَ وماتَ ودُفِنَ، وقامَ في اليوم الثالثِ كما في الكتب، وصَعِدَ إلى السماوات وجَلَسَ على يمينِ اللهِ الآبِ". (مقتبس من فيليب شاف، المجلد 14)

أُضِيفت بعض التفاصيل الإضافية ردًا على وجهات النظر المسيحية الغنوصية المستمرة بأن يسوع لم يصبح إنسانًا، بل ظهر كذلك. لقد أصبحت وظيفة "الروح القدس" واضحة الآن أيضًا:

"وبالرُّوحِ القُدُس. الرَّبِّ الْمُحيي. المنبثقِ مِنَ الآب. الَّذي هو مع الآبِ والابنِ مَسجودٌ له ومُمجَّد. النَّاطقِ بالأَنبياء ". (مقتبس من فيليب شاف، المجلد 14)

أخيرًا، بما أن بعض المسيحيين أرادوا معمودية ثانية لإزالة خطاياهم بعد المعمودية الأولى، فقد أُضِيف سطر في النهاية:

"ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا، ونترجي قيامة الموتي، والحياة في الدهر الآتي"

جدال "ومن الابن" والمفهوم الحديث

أضافت بعض الكنائس، في القرن السادس، عبارة إلى وصف "الروح القدس": "الرَّبِّ الْمُحيي. المنبثقِ مِنَ الآب ومن الابن" (باللاتينية: filioque). ادعت العديد من الكنائس الشرقية أن هذا يقلل من قوة "الروح القدس". أدى الجدل حول هذا البند (وأمور أخرى) في نهاية الأمر، إلى انفصال الكنائس الأرثوذكسية الشرقية عن الكنائس اللاتينية الغربية في عام 1054م.

وتلخص المسيحية الحديثة مفهوم الثالوث على النحو الآتي:

  • الجوانب الثلاثة داخل الإله الواحد الأبدي هي: (الله الآب، الله الابن، والله الروح القدس).
  • الله الآب هو مصدر القوة الأبدية وغير مخلوق.
  • الله الابن (الكلمة) هو ميل الله الأبدي للتعبير عن نفسه، وخلق، وإظهار نفسه على الأرض.
  • الله الروح القدس يربط الآب بالابن ويظهر في الكنيسة وحياة المؤمنين.

نبذة عن المترجم

Mahmoud Ismael
مدرس تاريخ مهتم بترجمة المقالات والأبحاث التاريخية.

نبذة عن الكاتب

Rebecca Denova
الدكتورة ريبيكا آي. دينوفا، محاضرة بداول كامل في جامعة بيتسبرغ حيث تدرس المسيحية المبكرة في قسم الدرسات الدينية. وأنهت مؤخرا كتابها: "ديانات اليونان وروما" لدرا نشر (وايلي بلاكويل).

استشهد بهذا العمل

نمط APA

Denova, R. (2021, May 03). الثالوث [Trinity]. (M. Ismael, المترجم). World History Encyclopedia. تم استرجاعها من https://www.worldhistory.org/trans/ar/1-19735/

أسلوب شيكاغو

Denova, Rebecca. "الثالوث." تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael. World History Encyclopedia. آخر تعديل May 03, 2021. https://www.worldhistory.org/trans/ar/1-19735/.

أسلوب إم إل إيه

Denova, Rebecca. "الثالوث." تمت ترجمته بواسطة Mahmoud Ismael. World History Encyclopedia. World History Encyclopedia, 03 May 2021. الويب. 01 May 2024.